قصيدة اللانداي وحقوق المرأة في يومها العالمي - إيمان الشافعي




         خائنة ولكن ؟!

ألا تستحي يا شيخُ! من ثلجِ لحيتِكْ 

تداعبُ  شَعري وهْوَ في ُعمُر ابنِتكْ!

مفتتح قصيدة أفغانية من شعر اللانداي وهو فن شعري في لغة البشتون يعني الموجز أو المختصر وهي قصائد شعبية تتناولها النساء فيما بينهن في مجالسهن وفي هذا النوع من الشعر يوجد ثلاثة أشخاص محورية تدور حولهم القصائد الزوجة "البطلة" والزوج "الذي هو دائما مبغوض" والعشيق "الذي تتحدث عن طوقها إليه" .


بسريَ أذوي.. في الخفاءِ أنوحُ 

أنا امرأةُ البشتونِ..كيف أبوحُ؟!

وها أنا وسريرُ النّحس يرقبني

من أخمصيْ قدمي للرأسِ أرتجفُ

إذا ابتسمتُ رماكَ الوجدُ بالّسكرِ 

فكيف تفعلُ لو أسقيكَ من ثغري؟!

أنا لبلابةُّ وحولي خريفٌّ 

ووشيكاً سيذبلُ اللبلابُ

أجنُّ ..أجنُّ 

إذا ما مررتُ بأيَّ وليَّ وأيّ ضريحْ 

فأرجُمهُ بالحجارةِ عن كلّ أمنيةٍ خذلتها يداهُ 

وعن كلّ قلبٍ جريح ْ

قساةٌ قساةٌ 

ترون العجوزَ يجّر خطايَ إلى المضجعِ

وتستفهمون عن السرّ في أدمعي؟!

المرأة الأفغانية رمزاً لنساء العالم .


كل هذا يحدث في البيئة الأفغانية التي نعرفها بقيودها الصارمة والزوج كما قرأتم في بعض المقطوعات المترجمة التي اخترتها لكم يبدو عجوزاعاجزا عن منح امرأته الحب الذي تريد،أما الحبيب فيقترب أحياناً حد الخيانة ويبتعد أحيانا حد الموت،ويمكن أن نصف اللانداي بأنه بوح المرأة البشتونية الخفي تلك المرأة التي يزج بها وهي طفلة حتى لم تبلغ الحُلم أحيانا إلى بيت زوج يكبرها بأجيال دافعة ثمن المشاكل الاقتصادية والسياسية التي ترزخ فيها بلادها، ولأنها الطرف الأضعف يزج بها لتكن كبش الفداء لمصلحة باقي الأسرة،وهنا سأتخذ مما يحدث للمرأة الأفغانية إسقاطا على ما يحدث لكل نساء العالم حين يجبرن على الاغتصاب الزوجي باسم العرف والتقليد فالدين برئ من ذلك والحديث الشريف الذي يتخذه البعض شعاراً لإتمام بيعته (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه )لم ينف معيار الكفاءة في العمر والثقافة والتعليم وغيرها من الشروط وما يفعله أولياء تلك الفتيات هو جريمة في حق بناتهن وبل والمجتمع ككل.

ما الذي يدفع بالمرأة لهذا المصير ؟ّ!

وما خطورة ما يحدث على المجتمع ككل؟

وكيف يراها المجتمع الذي زج بها إلى هذا البئر ؟

أسئلة نجيب عليها في هذا التحليل .


ما الذي يدفع بالمرأة لهذا المصير ؟!

للإجابة على هذا السؤال فالمجتمعات تختلف من بيئة لأخرى في هذا الصدد وغالبا يتم هذا الانتهاك المشين للمرأة في المجتمعات الفقيرة اقتصاديا وثقافيا ،فقد نجد مثل هذه الحالات في الأسر العريقة وأحيانا في المجتمعات السلطوية حفاظاً على ميراث العائلة أو منصب والدها أو أخيها أو حتى للصلح بين العوائل أي أنه ليس قاصراً على الفقراء فقط، بل ويمتد هذا الانتهاك للمرأة في حق نفسها إن تعرضت لظروف مادية قاصية فقد تبيع نفسها بوعي ودون إرادة حتى تستطيع أن تخرج من أزمتها، وقد يحدث ذلك أيضاً دون أي احتياج مادي أو غيره للفتيات التي لا تعي حقوقها الجسدية والنفسية ويرغمن من ذويهم على الزواج رضوخا لرغبة الأهل باعتبار هذا من باب الطاعة .

وفي كل هذه الحالات نحن بحاجة للتصدي بتغيير تلك الأفكار البالية ومحاربتها من خلال التوعية من خلال الإعلام الدولي ومنظمات حقوق الإنسان لهذا الانتهاك الذي يضع المرأة في القرن الواحد والعشرين في مصاف الرق والعبودية ويسلبها أبسط حقوقها الإنسانية وهو حق تقرير المصير .

خطورة ما يحدث على المجتمع ككل ؟

أما عن خطورة هذا الانتهاك فهي لا تقف عند حد المرأة فقط بل تمتد للمجتمع ككل فدائما أعول على أن المرأة والطفل متلاصقين في تأثرهما،فكيف لهذه الأنثى المنتهكة أن تكون أما صالحة للمستقبل؟! وهل ستكرر مأساتها مع بناتها باعتبارها تعودت على الانتهاك؟ أم ستحميها؟ إن كانت تملك وسائل الحماية، فهي غالبا لن تعمل لكي لا تتحرر اقتصاديا، أو ستعمل في أعمال ليست لائقة لإرضاء الزوج وفي كل الأحوال سينتج عن هذا الانتهاك سلسلة من الانتهاكات المستقبلية في تلك الأسر التي تحتاج إلى دعم للمرأة لتعرف أولا حقوقها وتتمكن منها لتمنحها لبناتها وتصبح أم جديرة بتربية ابناءها .

نظرة المجتمع لأنثى اللانداي ؟!

أما عن نظرة المجتمع لهذه المرأة بالطبع يوصمونها بالعار والخيانة والحقيقة أن الخيانة سلوك مشين وكما تعلمنا ليس له ما يبرره،ولكن على أرض الواقع من يقع عليها هذا الجرم ليست ملاكاً هي بشر في النهاية انتهكت من أقرب الأشخاص لها  في مجتمع غير منصف يزج بها إلى هذا المصير ويدفعها إلى هذا البئر فيما لا يملك آليات خروجها من أزمتها إلى الحد الذي جعل في مجتمع شديد الصرامة كأفغانستان هذه الأشعار كوسيلة لتسري بها المرأة عن نفسها، وهنا تكمن الكارثة في المجتمعات الأكثر كبتاً وتشدداً تنتشر الخيانة ،لذلك فالحرية الحقيقية هي التي تحمي المرأة وليس العكس كما يجنح البعض فأعطوا النساء حقوقهن حتى تحمون المجتمع من الفساد .

_____________

الأشعار المذكورة في المقال..جمعها وترجمها للإنجليزية..الشاعر.."سعيد بهو الدين مجروح.





 



رشيد سبابو

المؤسس و مدير التحرير

Enregistrer un commentaire

Plus récente Plus ancienne