"نصير الشيخ" شاعر وناقد عراقي. |
في حوارية مع الآخر أراد الشاعر الشاب " رشيد سبابو" الكتابة بمظهرها المختلف، غير المتطامن مع السائد، من هنا كانت كتابته إستنطاقا وجوديا مع الأشياء والمسميات والعناوين، بدءً من القوى العلوية في السماء وحتى مسائلتهِ أسفلت الشارع. تساؤلات جاءت بلغة النثر، مؤطرة بالوجع العالي، حاول رشيد من خلالها مسائلة " الماحول" عبر أفق وعيه الحاد، وتقويل مالايقال..!! منطلقا من سؤال وجودي عبرت عنه الجملة المكتوبة المدونة التالية، والمتضمنة ماعجزت عنه الفلسفات قرونا وقرونا..
يقول رشيد سبابو (( سؤال يؤرقني كل ليلة
ماذنبنا حتى يتم الألقاء بنا في هذا الغاب الموحش؟ ))
هنا الكاتب الشاب، في كتابه هذا " سمفونية الأرق" يسطر لنا ومضات بالغة الفكرة، وأفكار فلسفية وأستنطاقات وجودية وصولا للعدمية ربما، كل هذا ما أعتمل في دواخله من قدرة الشباب وجموحها العذب. وهو يكتب الشعر بعذوبته أيضا، ويتماهى خياله وعوالمه الثرة معه، ذلك أن الشعر هذا العالم الفسيح والفضاء المفتوح للجمال والمخيلة.
لكنه في كتابه هذا، يرتدي رشيد سبابو وجها آخروجلباباً لمفكرٍ يطوف الشوارع والأزقة بحثا عن أجوبة لسؤال وجودي دائم يعتمل بدواخله. وجهاً مبتعداً عن وجه الشاعر الذي ألفنا فيه براءة الشعر، حيث يكسرها سؤال الوجود، ومخيلة الشاعر تصدمها الأسئلة الوجودية، والذات الشعرية تتوارى امام صرّة تساؤلات عن المفكربه من الوجود الذي حولنا، والعدم الذي نحن على حافاتهِ...
(( غارق في العدم،لكني مبلل بماء الحب))
(( عندما تقرأ كلماتي تظننني من أشد الكارهين للحب،
بينما قصائدي الغزلية لاتعدُ ولا تحصى)).
ماكتبه رشيد سبابو شذرات نثرية هي حصاد تجليات ذاته المحبة للحياة، معبراً فيها عن رؤيته الخاصة للوجود والعالم والعلاقات الإجتماعية ومفهوم الحب، وهي تكريس لزخم احتدامه مع ماحوله، ذلك أنه في شذراته الكتابية هذه، نجد رشيد كلما يتوغل في زقاق العالم تضيق شيئا فشيئا عدسة منظاره المطل على مايريد، ذلك أنه لايجد في هذا العالم مايسرُ، ولا يستلذُ بطعم المستهلكِ من الأشياء.