مكر السياسات بالمغرب: عن الخبز والحرية - أسامة بلوش



إن الناظر إلى الجو الذي يعيشه المغرب منذ مدة ليست بالقصيرة، والممتدة إلى يومنا هذا، يرى فيه زعزعة وعدم إستقرار، على المستوى الإجتماعي والسياسي بالخصوص؛

ولعل لهذا الوضع علاقة بالتغيرات العالمية ومايعيشه المعمور من إختلالات على كافة المستويات، لكن مايهمنا هو أن نعطي تحليلا متواضعا عما نعيشه داخل المغرب.

أما على المستوى السياسي، فنرى التخبط واللاتناغم بين سياسات الواقع وبرامج الحملات الإنتخابية، من إرتفاع في الأسعار ( المحروقات، السلع الإستهلاكية، المواد الغذائية..) وهو مايبرر بالتماشي مع السياق العالمي، لكنه عذر واه ولا أساس له من الصحة، وكيف له أن يكون عذرا مقبولا ونحن نرى أسعار النفط مثلا، لاتستقر على حال، إذ تعرف إرتفاعا تارة وإنخفاضا تارة أخرى على المستوى الدولي، لكن على المستوى المحلي، لايؤخذ هذا الإنخفاض بعين الإعتبار؛ والإرتفاع في الأسعار لا يوازيه أي إرتفاع في الدخل، بل على العكس، يوازيه رفع الدعم عن المواد الغذائية الأولية والأساسية..

زيادة على هذا، حالة الطوارئ الصحية لازال معمول بتمديدها  في البلاد، بالرغم من أننا لانمر بمرحلة وبائية تدعي ذلك، أليس في القانون المنظم لحالة الطوارئ مخرج شرعي للنخبة السياسية لإطفاء الغضب إن تم التعبير عنه بطريقة كلاسيكية؟

وبعد هذا وذاك، إستمرار السياسات المبهمة والملغومة التي تطال الأستاذ داخل المنظومة التعليمية بالمغرب، وفي ظل إحتاجاجات الأساتذة المعبرة عن حرقتهم، تزداد الإقتطاعات من رواتبهم الهزيلة ويزداد التجاهل، فضلا عن الزيادات التي لحقت  أجور أساتذة التعليم العالي في ظل خروج الجامعة المغربية من التصنيفات الدولية والإقليمية، أليس هذا ضربا في التعليم الإبتدائي والثانوي الذي يعد الأساس والمكون الرئيسي لشخصية الطالب المستقبلي؟ 
وهي سياسات كثيرة تتهجم على كل الميادين والقطاعات العمومية بالمغرب بحثا عن تبخيس القطاع العام ككل. 
  وأما على المستوى الإجتماعي، فالأعمى يرى قبل المبصر أن الحرية في المغرب تعرف حاليا حصارا مكثف على جميع الأصعدة، على المستوى الفني أو النقابي أو التعبيري عن المطالب الخبزية الأولية؛ وقد نجحت المؤسسات الوصية عن إقبار الحرية إلى حد كبير في تحديد غاياتها الخبيثة، والأدهى أن فئة من "النخبة" قدمت عريضة تناشد فيها المؤسسات العمومية للتدخل للحد من هذه الحريات، ولا يخفى علينا جميعا أن المحتوى المقدم على الأنترنيت يتوقف إستهلاكه على إرادة الأشخاص، ولا يفرض على أي شخص أن يشاهد أو يسمع ما لايرغب فيه مجبرا، فإختلاف الرؤى وتعدد المنصات وليد لهذا الغرض، ألا وهو الحرية في الإختيار؛ ومطالبة "النخبة"من الدولة التدخل في هذا الأمر من شأنه أن يجر ما لا يرضاه أحد ومن شأنه كذلك أن يرجعنا سنينا للوراء ولعهد الجمر والرصاص؛ وإن أرادت الدولة كما تدعي، محتوى أنيق و مؤثرين أكفاء، فحري بها أن تعالج المنظومة التعليمية وتسوي الوضعية الهشة التي يعيشها القطاع، فمن الأستاذ يبدأ البناء والتوجيه، وليست اللغة الإنجليزية أو اليونانية هي التي تصنع النهضة، فاللغة تبقى شكلا، والمضمون هو الأساس، وكما جعلنا من الفرنسية شماعة لإخفاقاتنا وتخلفنا، سنعمل مع غيرها من اللغات، مادامت المنظومة التعليمية تنهشها السياسات التي تخدم القطاع الخاص، وإستثمارات البورجوازية.
إنه سياق يعيشه المواطن المغربي في تطبيع وتوافق، بشكل واع أو لاواعي؛ إنه مشهد مأساوي يضرب في الطبقة المتوسطة بالأساس ويكرس للطبقية ويرفع من حصانة البورجوازية الفاحشة في ظل إزدياد حدة الفقر، ويعمق للجهل المعرفي ويقتل ملكة النقد والسؤال وكله مبني على التربية والتعليم.
واللي ساسو ماشي صحيح راه ساهل يطيح


 



Post a Comment

Previous Post Next Post