ديستوبيا - عبد اللطيف ديدوش

 



فِي هَذِي الْمَدِينَةِ الْمَجْبُولَةِ مِنْ فَوْضَى رِيَاحٍ وَبَحْرٍ

أَرْكُنُ لَيْلِي تَحْتَ سَقْفٍ رَطْبٍ

أَطْحَنُ نَهَارِي تَحْتَ أَضْرَاسِ الْخُبْزِ

وَأَضْرِبُ مَوَاعِيدَ عُرْقُوبِيَّةٍ مَعَ الْحُلْمِ...

أَرْمِي صِنَّارَتِي فِي أَمْوَاجِ الذَّبْذَبَات

لَعَلِّي أُومِضُ عَلى صَهْوَةِ سَابِحٍ

لَعَلِّي أَرْحَلُ دُونَ بَوْصَلَةٍ أَوْ شِرَاع

لَعَلِّي أُولَدُ مِنْ مَوْجَةٍ نَافِقَةٍ

لَعَلَّ حُلْمًا يُلَوِّحُ قَبْلَ مَشْهَدِ الْقِيَامَةِ

سَأُصْغِي لِزَعِيقِ النَّوَارِسِ فِي سَقْفِ مُوكَادُورْ

لِحَفِيفٍ أَوْرَاقِ العُمْر

لَعَلِّي أَظْفَرُ بِتَمِيمَةٍ ضِدَّ الْخَريفِ

سَأَقْتَفِي وَشْوَشَةَ الْمَحَارِ

لَعَلِّي أُسَافِرُ وَالْأُفُقَ فِي الْبِحَار

لَعَلِّي أَتَهَجَّى رَقَصَاتِ الْفَرَاشِ

لَعَلِّي أَفُكُّ شِيفْرَةَ الصَّرْخَةِ الْأُولَى

لِأُعِيدَ تَأْوِيلَ الْمَدِينَةِ بِأَلْوَانِ (فَانْ غُوغْ)

لِأُلَطِّخَ أَبْوَابَهَا بِالْمَوْجَةِ السَّابِعَة

لِأُطْعِمَ قِطَطَهَا البَحْرَ ...

أَوْ أَصْحُو مِنَ السَّرْنَمَةِ عَلى كَابُوسٍ

عَلى عَطَشِ الْوَادِي

عَلى عُقْمِ الْأَخْضَر

عَلى تَسَمُّمِ الْأَزْرَق

عَلى اِخْتِنَاقِ الْهَوَاء

عَلى اِنْقِرَاضِ الْإِنْسَان

فَأُعْلِنُ الرِّدّةَ وَالْعِصْيَان :

أَيَّتُهَا الْمَدِينَةُ النَّدِيَّةُ كَالسّدِيم ...

الْمَالِحَةُ كَالْبحْر

الْقَاسِيَّةُ كَالزَّمَنِ الَّلئِيم ...

النَّاكِرَةُ لِلْجَمِيل

يَا آكِلَةَ الْبَشَر:

اِعْفِنِي مِنْ لَمْحِ طِفْلٍ يَنْبُشُ الْقُمَامَة

اِعْفِنِي مِنْ رَفْسِ مَضْجَعٍ عَلى الرَّصِيف

اِعْفِنِي مِنْ حُرُوبٍ أَهْلِيَّةٍ عَلى الْفُتَات

اِعْفِنِي مِنَ الصَّهِيلِ عَلى مُومِسٍ مَحْشُوَّةٍ بِالبُوطُوكْس

اِعْفِنِي مِنْ زُحَامِ ذُكُورٍ هَائِجَةٍ بِأَقْرَاصِ الْفْيَاغْرَا

اِعْفِنِي مِنَ تِعْدَادِ الْمُخْبِرِينَ لِلْأَنْفَاس

اِعْفِنِي مِنْ نِخَاسَةِ الْكُورْنِيش

اِعْفِنِي مِنَ الطَّابُورِ أَمَامَ الصَّرَّاف ...

مِنْ تَبْيِيضِ أَسْوَاقِ سَوْدَاء

اِعْفِنِي مِنْ لُعْبَةِ الْوَرَقِ وَالْيانَصِيب

مِنْ نُصْرَةِ مَلْهَاةٍ فِي مَقْهَى

مِنْ اِسْتِنْسَاخِ الْفِرْدَوْسِ فِي مَلْهَى

اِعْفِنِي مِنْ نَهْشِ الْأُكْلاتِ السَّريعَة...

اِعْفِنِي مِنَ الْهَوَسِ بِالْمُوضَة

اِعْفِنِي مِنْ عِبَادَةِ الْأَشْيَاء

اِعْفِنِي مِنَ الُّلجُوءِ إلَى جُحُورِ الْإِسْمَنْت...

مِنْ نَوْبَةِ الْحَشِيشِ

مِنْ أَزْرَارِ الْاِفْتِرَاض

اِعْفِنِي مِنْ شَبَقِ الْقِرَدَة ...

اِعْفِنِي مِنْ حِصَّتِي مِنَ التَّفَاهَة

اِعْفِنِي مِنْ عَرْبَدَةِ مُنْتَصَفِ الَّليْل...

مِنَ التَّبَوُّلِ عَلى التَّارِيخ

اِعْفِنِي مِنْ تَشْخِيصِ الْأَقْنِعَة

اِعْفِنِي مِنْ دَوْرِ بَهْلَوَانٍ فِي مَسْلَخ...

اِعْفِنِي مِنْ غَرِيزَةِ الْغَزْوِ وَالسَّبْي

اِعْفِنِي مِنْ سَمْسَرَةِ الْمَاءِ والْهَوَاء

اِعْفِنِي مِنْ لُعْبَةِ الرُّولِيتْ

مِنَ الْبَقَاءِ تَحْتَ جَزْمَةِ السُّلْطَان

مِنْ مَلْهَاةِ الذَّكَرِ والْأُنْثَى

ومِنْ دِسْتُوبْيا الْكُوَيْكِبِ الْأَزْرَقْ ...

 




رشيد سبابو

المؤسس و مدير التحرير

إرسال تعليق

أحدث أقدم