المَنْسِيُّون
- تأخر العربي.... تأخر العربي... تأخر !!...
تكررت العبارة في ذهنها مرارا، تحاول عبثا أن تتجاهلها، تغيرها، تطردها من خلايا عقلها، تلفظها مع زفراتها وآهاتها، لكنها لا تستطيع... تأبى تلك العبارة أن تغادر، وتصر على أن تسكن عقل المرأة وقلبها وتكاد تنفجر من بين شفتيها لتطلقها صرخة مدوية.
مدت يدها داخل الموقد الطيني لتحرك قطعا من الحطب، لفحها الجمر الملتهب دون أن تصدر عنها ردة فعل، فكأن النار المشتعلة بداخلها أفقدتها الإحساس بالألم. بطرف عينها اليمني، رنت بنظرة ميتة لكومة صغيرة من الحطب، جرت حسابات في ذهنها، وتأوهت من جديد بعدما اكتشفت أن الحطب المتبقي لن يكفيها وأبناءها الثلاث لقضاء الليلة.
طرقاتٌ قوية على الباب الخشبي القديم جعلتها تنتفض.
- جاء (العرْبي).
صرختْ في أعماقها من اللهفة والفرحة...
بصعوبة فتحت الباب الثقيل والذي زادت كثافة الثلوج المتساقطة من ثقله. تيار هواء بارد يقتحم البيت الطيني الصغير، فتحكم المرأة الوشاح الصوفي المرقع حول وجهها، ولا تظهر سوى عينيها المفتقدتين لبريق الحياة.
الخارج مظلم، بارد، غامض ومخيف، و(العرْبي) لا أثر له، وتلك الاطياف التي تتحرك أمامها لا تستطيع أن تتبين طبيعتها ولا ملامحها...
- هل جاء (العرْبي)؟ تساءل أحدهم بنبرة خشنة.
- من أنتم؟ صرخت المرأة في وجه الرجل الغريب الغارق في الظلام.
مرحبا (رقِية)، أنا (الحُسين)، ألم يأت (العرْبي) بعد؟
ميزت صوت قريبها، فاطمأنت قليلا وهي ترد:
- لا، لقد تأخر كثيرا على غير عادته.
- لا شك أن العاصفة الثلجية حاصرته في مكان ما، سكان القرية قلقون على مصير قطيعهم.
- وأنا قلقة على مصير زوجي !!
بقلم هشام أجران Hicham Ajrane
للمزيد من المنتوجات الادبية المرجو متابعتنا على صفحاتنا @apolomagazineofficial
@moroccan_writers
#مجلة_ابولو_الثقافية #أدب_عربي #كتاب_مغاربة #كتابات #زواج #يأس #خ