نبض الحياة - سعاد قسيمي

 




تمر الأيام سريعا، كما لو أنها تنتقم للحظات الحزينة على الألم التي سببته، ومع كل ذلك يستمر العزف على أوتار الحياة؛ تتألم بذلك الثواني لكنها تستمع جيدا الى دروس ملقاة على رصيف وحيد في زاوية منيرة.

نعلم أنها الحياة، وأن وجودنا فيها لا يجعلنا مستثنين من الألم، ورغم ذلك تستمر بمنحنا رشفات من الأمل لعلها تروي ذلك الإحساس الميت فينا.

لكن ما يجعلنا نستمر وسط كل تلك الإخفاقات هو علمنا أنها الحياة؛ والعيش فيها ليس بالأمر الهين، فلربما لو لم نواجه الصعوبات لما أصبحنا ما نحن عليه الآن، أقوياء، شجعانا، ومقبلين على الحياة بابتسامة راضية.

نتذكر دائما أن الخير سينتصر في الأخير؛ وأن الحياة الرائعة تنتظرنا بعد الموت، فما ابتلاءات الدنيا إلا وخزات إبر تمسح بها ذنوبنا، أتحسبها أيها الإنسان هينة عند رب العالمين؟ أتظن أن كل تلك الصرخات، كل تلك المعاناة، وكل ذلك الدماء الذي يسفك كل يوم في الأرض هباء ؟

لا تستهن بقدرته سبحانه؛ فهو يعلم خفايا الغيب؛ ويعلم الخير في كل ما لانراه. 

فكفاك سخطا، وارفع رأسك عاليا أيها المبتلى، الذي فقد أبويه، إخوته وأصدقاءه.

أنت أيها القوي الذي لم يملك يوما أبوان يحميانه من جروح الشوارع، تركوك للدنيا فوق رصيف معتم، ارفع رأسك عاليا؛ فأنت مازلت تحارب الحياة كل يوم، كن قويا ولا تسمح لمشاعر الحزن أن تأكل فؤادك يوما.

وأنت الذي فقدت قدميك، أو لم ترى الدنيا، أو حتى فقدت إحدى حواسك أو لم تجعلك الحياة إنسانا عاديا، كن فخورا بنفسك، فالله سبحانه يحبك، وما ابتلاك إلا ويعلم أنك قوي وقادر على أن تتحمل كل ذلك الألم؛ ليتنا كنا نملك صبرا كصبرك وقوة كقوتك، انهض وكن قويا، فأنت تستحق أن يفتخر بك العالم بأسره.

وأنت المريض الذي يتألم كل يوم، أنستك الأيام من نصيبك في الصحة؟ لا ليس ذلك وإن هذا امتحان من الله لك، فكن قويا وواجه تلك الأيام بابتسامة، فوالله لن تخيب، بل ستتعافى يوما ما، وستنجح في اختبار الحياة كما نجحت بتفوق في جميع الامتحانات، كن قويا، فالله سبحانه سوف ينصرك، ولن يضيع مجهوداتك التي بذلتها في سبيل أن تحيا الحياة التي تتمنى.

وآخر القول، إنها الحياة، وأن تعيش فيها مرهونا بدرجة صبرك وإيمانك القوي بالله، فتلك الأيام ستمر، ولكن أثر الكلمات يبقى راسخا في ذاكرة الجسد، وتذكر أن الدنيا زائلة وأن الآخرة دار البقاء، فكل ما فقدته فلسطين لن يذهب هباء، فحياتهم ليس التي عاشوها في الدنيا، بل حياتهم الأبدية هي الآخرة، فاللهم ارزقنا بحسن الخاتمة.

ولاتنس أن تتسلح بحمد الله وانفض عنك غبار الأحزان، فكلنا عابرون.



رشيد سبابو

المؤسس و مدير التحرير

إرسال تعليق

أحدث أقدم