في طريقي نحو جامعة الحسن الثاني. أجلس في المقعد الأمامي قرب سائق الطاكسي. صمت الركاب يملؤه هدير المحرك. والسماء تكظم غيظها، تقاوم الدمع المرغوب. فجأة نطق المذياع، حدثنا عن أشياء كثيرة، لم يبد أي راكب اهتماما بما يقال وما سيقال: حالة الطقس ببلادنا، الجرعة المعززة، تعميم التغطية الصحية، ارتفاع أسعار المواد الغذائية في العالم بسبب زلزال 1947.
انطفأ المذياع لوحده وكأنه أبى أن يحمل وزرا، أنزل السائق زجاج النافذة، تسللت رائحة القمامة إلى رحاب الطاكسي دون استئذان، استوقفنا الضوء الأحمر. وتجمهر على الطاكسي رجال ونساء وأطفال.. أفارقة المغرب وجنوبه، منهم من سمرة بشرته طبيعية ومنهم من سودته الغصة. بعضهم يحمل تحاليل طبية، وآخرون يلوحون بالمناديل، ومعظمهم يشكون الجوع...
فجأة
نطق المذياع: ها الكااس حلو ها الكاس حلو... كالحرباء اخضر الضوء الأحمر.. صرخت
الطاكسي، وانطفأ المذياع من جديد..