لعنة الكتابة - إلياس الحسني العلوي

بقلمٍ، ثمانيةٌ و عشرونَ حرفا أبجديا و أساليبٌ تتدفقُ في الورق، تعتبر الكتابة أشد أنواع التعبيرِ تناقضا، ليس لأنك تَخُطُّ على الورقةِ ما يُفتي عليك ذاك الصوت البعيد و ليس لأنك تتفاجأ مما قد كتبتهُ الليلة السابقة عند استيقاظكَ؛ 

بل لأن الكتابة هي الشيء الوحيدُ الذي يُعنوِنُ هذا الوجودَ العبثي و يُعطيهِ معنى، مُظهرةً أنفُسَنا من أنفُسِنا لتُفرزَ نسيجَ أسْطُرٍ، سهوا تفيض دموعنا أحيانا عند قراءتها و ذهولا أحيانا تُوقظنا لنسلكَ طريقا مُفعمة بالأملِ لا الألم. و معَ ذلك فظهور وسائل التواصل الاجتماعي و ما جاورها من مُفرزات آنية لهرمونات السعادةِ، بدءا من الفيديوهات القصيرة، التي توهم التعبير عن حُزنٍ أو حُب، إلى التفاهة التي غزتْ أوساط الشباب و أصبحت موضةً، موضة أبدلت المشاعرَ صورا تُنشرُ بحثا عن تعاليقِ الإعجاب، و تشَبُّها بكل ما هو غربي مما يشمل رئيسيا المشاهير، ما جعل من شبابِ اليوم نُسخا متشابهة؛ لا هُم يفقهون من أنفسهم شيئا، يتشبهون ببعضهم البعض إلى الهاويةِ؛ حيث لن يجدوا لَهُم هوية، مُفتقدين كل طرق التعبير و الفن، و مُفتقدين لخُلوةٍ مع الذاتِ في زمن يتشارك فيه كل الناس حياتك الشخصية،  بل و أصبح هذا عارا، إذ تُنشرُ الوجوهُ مُبتسمةً و لا يعلمُ بدواخلها إلا الله؛ بؤسٌ شديدٌ لحال الأفرادِ التي لا يجمعها بالواقع شيء غير الماديات. 


قُلتُ سابقا و في ديواني الأول " فقيد اللذة " أني من كثر كرهي للكتب زادت الألف، زادتْ عنوة ولم تكن اختيارا سلكتُهُ بجسدي، أرتجفُ أو أخافُ الانهيار، فما عُدتُ أعشق القراءة حتى أدركتُ سحرَ الحروفِ و الكلمات، أشياءٌ تقعُ بالخفاءِ حيث لا يدري الكاتبُ ولا القارئُ تعويذة الكتابة، إنها غريزَةُ البوحِ بضُعفٍ و بكل قُوَّةٍ، تناقض يجعل لِهاته الهواية طعما خاصا و فنا سيبقى دوما في مرتبة الرُّقِي، وجب الاهتمامُ بها كما تُسلَّطُ الأضواء على مجالات السينما و الموسيقى.

إن الكتابة هي ملجأ العديد ممن فقدوا الأملَ و أسعدهم نصٌّ من جديد.


إن الكتابة هي ملجأ العديد ممن فقدوا الأملَ و أسعدهم نصٌّ من جديد.


نَحْنُ الشُّعراءُ احترفنا الشُّعورَ

و أضعنا البوصلة

تركنا لكُمُ نعيمَ التفاخُرِ بالأساليبِ و اللغات

نناقش الأفكارَ بعويدا عنكم

احترفنا الركوع أعلى الصومعة


أنا كاتِبٌ حَقِيقِيٌّ

لدرجة أنّي أُحافِظُ على القَصائِدِ 

و إِنْ كانت كلمتين


شاعِرٌ حقيقي، أحبذ حروفي عما كُتِبَ

و اسأَل أُستاذي 

هَرّجْتُ بنصه و خرجت عنه 

و عن الفصلِ، لا مرة و لا مرّتين


أنا  كاتب حقيقي

لأني بكل بساطة

أرى الحياة شاعرية

من واجبي أن أُصَوّرها لكم جميعا



رشيد سبابو

المؤسس و مدير التحرير

Enregistrer un commentaire

Plus récente Plus ancienne