تيه جيل التيسعنات - بقلم: حسناء المرابط



كم هو رهيب هذا التيه الذي مني به جيل التسعينات الجيل الذي تتابعت عليه اللعنات الجيل البئيس التعيس صاحب الحظ العاثر، لقد ظلمتنا الحياة وتراكمت علينا الخيبات، ما اعتقدنا أننا سنكابد كل هذا وإلا لما تناهى صدى صرخاتنا الأولى مسامع أحد،  اضطررنا للقيام بما لا تطيقه أرواحنا، ولجنا جامعات قست علينا، درسنا تخصصات مبتورة لاقيمة لها ولاوزن، ركضنا في كل الجهات ركضنا بكل ما أوتينا من جهد في طرق صعبة، وعرة المسالك فقط بغية إيجاد ذواتنا.. ولا زلنا ضائعين في غمرة وحدتنا ..

بعضنا أصبحوا آباء مسؤولين جابو طرقات الحياة وتمكنوا من النيل ببعض فتاتها فتمكنوا من تأسيس أسرة وهاهم يعافرون فيها بالكاد يتحصلون على لقمة عيش لهم ولذويهم، ويصروا على قمع وكبت صرخات الطفل القابع بدواخلهم رغم أنفهم، والبعض الآخر مثلنا تماما لازالو حائمين حول طفولتهم ولم يئن لهم أن يتحرروا بعد، لم يستسيغوا بعد ما فعله الزمن بهم  لا يتفننون سوى بالتملص من شبح الشيخوخة الذي يداهمهم هم الذين لم يؤسسوا بعد أسرة ولم ينجبوا طفلا قط لأن ذلك يرعبهم وسيسلب منهم لا محالة طفولتهم المزعومة.

الأقسى أننا تعبنا من كل هذا اللهاث لاندري أي جهة سنصطف معها،  نظل قابعين في كومة أسئلة تنهش أفئدتنا نتسائل على حين غرة وفي غمرة حيرتنا هل نرمي كل هذه الهموم وراء ظهورنا ونؤسس عائلة؟ هل نترك كل شيء ونرحل إلى أبعد نقطة في هذا العالم لا ندري ما الصواب وأي طريق نسلك ما الأجدر علينا فعله غي في دوامة التيه هذه التي صرنا فيها.

إنه الجيل المعجزة الجيل الذي  حمل في سحنته ملامح وبشائر الخير، الجيل الوحيد الذي توسمنا فيه زرع بذرة الخير أينما حل وارتحل، الجيل الذي لم تتمكن منه صراعات العالم هو الوحيد الذي نجا من التغيرات الطافحة التي أودت بالكثير من الأجيال ولعله كذلك الوحيد الذي عايش كل التقلبات التي ضربت تخوم هذا العالم، هو من عاش الحياة البسيطة بكل تفاصيلها كما عاصر الحداثة كذلك ولكنه رغم ذلك لم تنل منه بعد فقد مضى في طريقه متدثرا بما ورثه عن أجداده وآبائه من قيم ومبادئ محافظا على عادات مجتمعه، في تحد صارخ لما يضرب جذور العالم من موجات تأتي على كل معدن أصيل، متزودا بجعبة ذكريات صقلت شخصه ذكريات لا ولن يحظى بها هذا الجيل الحالي، إنه الجيل العظيم رغم كل ما تكالب عليه من سياط المعاناة من كل الجهات. 

يا جيل التيسعنات ا لم يحن الوقت لأن تثبت مكانك كفاك لهاثا على أشياء لا لزوم لها أشياء سلبتك صحتك لم تورثك غير الهم والوهن وتجاعيد مبكرة غزت وجهك، اثبت مكانك أرجوك ارض بما قدره الله لك حافظ على ما تبقى من صحتك اتخذ زادا يمكنك من التغلب على قساوة الأيام اعقل وانضج وستنال نصيبك من الدنيا حافظ في نفس الوقت على جذوة الطفولة بداخلك لا تخمدها دغها تتقد فهي ما سيشعل فتيل الحياة في عينيك وسيبقي طريقك نيرا.



رشيد سبابو

المؤسس و مدير التحرير

Enregistrer un commentaire

Plus récente Plus ancienne