وصفة اليوم: رعب بالميكرويف. - أيهم رياض الحمد

 



فوق بلاط المشرحة البارد وعلى ضوء النيون الأبيض المائل للزُرقة الذي يرف كجناح الطائر الطنان وهناك من مكان مجهول تصدر أغنية"dead silence" أو "صمت الموت" لا أحد يعرف لماذا هي مُشغلة ولا حتى محمد نفسه-جو شبيه بأفلام الرعب ولا نحتاج إلى فطنةٍ وذكاء كبيرين حتى نعرف أن أحدهم سيُقتل لا محالة-تجمدت أنفاس محمد في حلقه لدى سماعه همهمة لا يعرف مصدرها، شيء ما خلفه يتحرك، يلتفت فلا يجد شيئاً، استبد به الخوف كثيراً فقرر الإتجاه نحو الغرفة التي تحوي براد الموتى. 

فتح الباب ونظر فلم يلحظ أي شيء غير طبيعي، ولما التفت ليخرج شعر بيد باردة تهتدي على كتفه، إستدار ليرى خلفه ثلة من الأموات متيبسي الأطراف يسيرون متمايلين نحوه، وكان أحدهم قد وصل عنده بالفعل، وفي لحظة خاطفة وثب الأموات جميعاً على محمد ومزقوه تمزيقاً، وأقسم لو أنك واحد من هؤلاء الأموات لرأيت دماغ محمد يخرج من مكانه وقلبه ينبض بوهن في صدره أمام عينيك بعد أن شُق صدره، في الحقيقة إنه لشعور لذيذ جداً أن تعرف ماذا يحدث للإنسان حين يموت، إنه يصرخ كالمجنون و تدور عيناه في محجريهما دون توقف وتخرج روحه مع أنفاسه المتلاحقة وترتعش أطرافه كما لو أن أحدهم يضربه بالسياط، مع كل شهقة يطلقها يخرج جزء من روحه ، ومع كل انتفاضة ينتفضها جسده تزداد متعة الأمر و تكون النهاية قد دنت.

منظر الأشلاء المتناثرة و الأصابع المقطوعة التي فقدت لونها المعهود المسجاة بالدماء على بلاط الغرفة البارد يثير شهيتي حقاً، بعد بضع ثوان يكون قد صار جثة هامدة لا روح فيها ، رباه كم هو شعور طيب المذاق، وأقسم لولا عظم المغرم لقتلنا أنفسنا ألف مرة حتى نجرب ذلك الشعور الذي لا يمكن تذوق طعمه إلا عندما تجربه بنفسك، ستسألني عن ذلك المذاق:

ماذا يشبه؟

فأجيبك بأن له طعم الموت الفاخر، ألا تعرف طعم الموت أيها الأخرق، حقاً إنك لا تعرف طعم فمك، وهكذا يعود الأموات إلى أماكنهم المثلجة بعد أن نعموا بوجبة دسمة ونظفوا بعدما تناولوا طعامهم، فحتى الأموات يتمتعون بأداب الطعام ، وحس النظافة لديهم عالٍ جداً على فكرة، أقول لك هذا فأنا أعرف، وأعتذر إذا كانت الورقة التي بين يديك مبلولة قليلاً فهنا في المشرحة الخدمة سيئة جداً، والبراد الذي أقطن فيه يعمل بالثلج الذي يملأ الدنيا بالماء فلا أرتاح وأنا أكتب لإن الأوغاد قد سرقوا المال واشتروا براداً يعمل بالثلج بدلاً من الهواء، لسبب بسيط جداً: لأنه أرخص وسيسمح لهم بتناول وجبة عشاء دسمة، ولكن أعدكم أن أنتقم منهم جميعاً، ولكن ليس الٱن، فأنا متخم وأحتاج إلى قيلولة بعد هذا المحمد الرائع الذي تناولناه قبلاً، والٱن تصبحون على دمٍ. 



حاشية:

أعتذر إن كانت الورقة مبلولة مرة أخرى وأنصحك أن تضعها لثلاث ثواني بالميكرويف وأعدك بنتائج مبهرة، على كل حال أتشرف بقبول أرائكم حول القصة السابقة-سواء أكان ذلك نقداً أم مدحاً فأنا متفهم جداً ومن أنصار النقد البناء-على العنوان التالي:

الشارع رقم 5- مستشفى الملك-الطابق الأرضي-غرفة الثلاجة-الدرج رقم 15.



Post a Comment

Previous Post Next Post